لم يكن إجماع النقاد عندنا على ان الرسام الكردي العراقي المقيم في بنسلفانيا صدر الدين أمين فنان بدائي، دونما أسباب قوية كان أهمها: درجة الهوس التي يبديها ذلك الرسام بالمحيط والبيئة، وموجوداتهما من الكائنات التي يتخذها وسيلة بصرية بهدف الكشف عن المعطيات الجمالية الكامنة في ثنايا الكيان المحيطي بصفته موضوعه الأثير وربما الوحيد، فكانت لقى ذلك المحيط تشكل بوابة الفنان إليه، لقى كان يبني وفقها منظومته الشكلية، فمن لا يعرفه سيحكم على تجربته وكأنها تجربة رجل بدائي, مازال يعيش في احد أدغال مجاهل أفريقيا الاستوائية, يرتدي لباسا من الريش او الجلد, يركض خلف الطرائد، يعيش في الكهوف والمغارات, وهو لم يفعل شيئا سوى انه نسخ لنا رسومه من صور الطرائد على جدران تلك الكهوف.
لم يكن صدر الدين أمين يؤمن بما امن به عشرات من الرسامين العراقيين باتخاذ مستحثات الجدران العتيقة موضوعا لهم فكانوا يستقرئون سطوحها، ويجرون بحوثهم الأركولوجية عليها؛ لاكتشاف كوامنها الإشارية والعلاماتية؛ باعتبارها مقطعا عرضيا, او شريحة نسيجية تحمل واقع الحياة الإنسانية في اصغر تفصيلاتها؛ من خلال اكتشاف مخلفاتها التي تشكل أثرا لمرور إنساني ترك إشارته علي سطح المحيط: كتاباتٍ, وآثاراً, وحزوزا، حينما مثلت هذه الحكايات والأساطير معينا أساسيا في تشكيل البنية الثقافية المستمدة من الميثولوجيا الشعبية لمناطق الغابات الجبلية في العراق, والتي أعاد صدر الدين أمين صياغتها من خلال فن عالي التقنية والصياغة البنائية.
يؤكد الرسام صدر الدين أمين في كل عمل جديد، او قديم, بأنه ليس فقط مسكونا بهاجس التوحد مع الطبيعة باستحضار كائناتها, بل هو متوحد بعناصرها, ربما كان ذلك راجعا لإيمانه بحتمية عودة كل كائن، يوما ما، إلى الطبيعة, من حيث أتى، فتتحلل عناصره، وتمتزج بعناصر الطبيعة المكونة, عناصر خرجت منها يوما ما، وستعود إليها يوما، وستنبعث منها تارة أخرى ضمن مكونات كائن آخر مختلف.. وهكذا؛ وبذلك يكون نزوعه نحو تأسيس لوحته من عناصر الطبيعة البكر, إقرارا بوحدة الوجود وعناصره الخليقية التي يحشّدها في لوحته بكرم باذخ, وباندماج ذوباني بين تلك الموجودات, وبشكل تكون فيه تلك العناصر مادة مشرعة دائمة للخلق, فهي إذن عناصر تكوين ( محايدة ), من الناحية ( الاجناسية ), ان صح التعبير, مستعدة لبناء أي عنصر او كائن جديد, فهي دائبة الحركة والانتقال, من كائن لآخر، او من مكان لآخر.
ان احد أهم الأدلة على إيمان صدر الدين أمين بوحدة كائنات اللوحة هو تعطل اشتغال فعالية الشفرات الجينية لكل كائن بشكل يخرق مواصفات النوع, ويؤدي إلى امتزاج المواصفات الخليقية للكائنات, فكثيرا ما تتعدد أطراف احد ذوات الأربعة, ولعدد غير محدد, في كل مرة, حتى يقترب أحيانا من أشكال الديدان ونحوها, فلا وجود لمواصفات موروثة ثابتة, تحفظ لكل نوع خليقي مواصفاته الجينية وتميزه المحفوظ, وبذلك يبرهن أمين على انه قد خطى خطواته: الأولى والاهم, نحو تحقيق وحدة العالم الحيواني, وصولا إلى تحقيق نزوع الكائنات للعودة إلى أزلها, أي تحللها إلى كائنات مجهرية, من ذوات الخلية الواحدة, خلية محاطة بغشاء يحفظ أجزاءها من التبدد, وصولا إلى الخلية ( الحيوا - نباتية ), ان كانت تصح مثل هذه التسمية في علم الأحياء.
يحقق الرسام صدر الدين أمين شكلا آخر من أشكال الوحدة على سطح لوحته, بتأكيد ذوبان الحدود الفاصلة بين التشخيص والتجريد, حيث لا يمكن في كل مرة وبثقة, تبين طبيعة العديد من أشكاله, هل هي كائنات مجهرية تمظهرت بمظهر تجريدي, أم ان ما نشاهده نمطا تجريديا تلبس, عبر عملية تشاكل صوري, شكلا ما, شكلا كان قد علق بذاكرته من أشكال الكائنات المجهرية, فيكون ذلك واحدا من أهم أسباب افتراض وجود الوحدة الخلائقية في تجربة هذا الرسام.
نتلمس في تجربة صدر الدين, نمطا آخر مهما من التوحد,ذوبانا للحدود بين الهندسي والطبيعي، فقد يتحول قرص الشمس بيسر من دائرة هندسية تامة الاستدارة, إلى كائن أميبي, تخرج أطرافه خارج الشكل الذي كان دائريا فصار شكلا طبيعيا غير تام الاستدارة.
ربما نتخيل صدر الدين او يتخيل نفسه في مختبر بيولوجي يقوم بتجارب جينية تمازج بين جينات كائنات مختلفة، فكانت إحدى نتائج تجاربه تلك كائنا (خرافيا) مركبا غريبا، رجلا برأس حيوان، ربما يشكل امتدادا للميناطورات والقنطورات التي كانت تظهر في فنون الرسم على مر العصور، انه كائن بشري مازال محتفظا بكل نوازعه الحيوانية الأصيلة التي يؤكد نمطا منها كل مرة يستبدل فيها رأسه: برأس كلب او ذئب او طائر او ثعلب او قط وحشي، او رأس كائن لا تبين ملامحه، كائن زئبقي متلون يمارس اغرب طقوس السحر والتحولات.
مثلما وصف والت وايتمان رجلا تملا لحيته الفراشات؛ فإننا نصف صدر الدين أمين بأنه "رسام تسكن لحيته العفاريت والكائنات المركبة".
لم يكن صدر الدين أمين يؤمن بما امن به عشرات من الرسامين العراقيين باتخاذ مستحثات الجدران العتيقة موضوعا لهم فكانوا يستقرئون سطوحها، ويجرون بحوثهم الأركولوجية عليها؛ لاكتشاف كوامنها الإشارية والعلاماتية؛ باعتبارها مقطعا عرضيا, او شريحة نسيجية تحمل واقع الحياة الإنسانية في اصغر تفصيلاتها؛ من خلال اكتشاف مخلفاتها التي تشكل أثرا لمرور إنساني ترك إشارته علي سطح المحيط: كتاباتٍ, وآثاراً, وحزوزا، حينما مثلت هذه الحكايات والأساطير معينا أساسيا في تشكيل البنية الثقافية المستمدة من الميثولوجيا الشعبية لمناطق الغابات الجبلية في العراق, والتي أعاد صدر الدين أمين صياغتها من خلال فن عالي التقنية والصياغة البنائية.
يؤكد الرسام صدر الدين أمين في كل عمل جديد، او قديم, بأنه ليس فقط مسكونا بهاجس التوحد مع الطبيعة باستحضار كائناتها, بل هو متوحد بعناصرها, ربما كان ذلك راجعا لإيمانه بحتمية عودة كل كائن، يوما ما، إلى الطبيعة, من حيث أتى، فتتحلل عناصره، وتمتزج بعناصر الطبيعة المكونة, عناصر خرجت منها يوما ما، وستعود إليها يوما، وستنبعث منها تارة أخرى ضمن مكونات كائن آخر مختلف.. وهكذا؛ وبذلك يكون نزوعه نحو تأسيس لوحته من عناصر الطبيعة البكر, إقرارا بوحدة الوجود وعناصره الخليقية التي يحشّدها في لوحته بكرم باذخ, وباندماج ذوباني بين تلك الموجودات, وبشكل تكون فيه تلك العناصر مادة مشرعة دائمة للخلق, فهي إذن عناصر تكوين ( محايدة ), من الناحية ( الاجناسية ), ان صح التعبير, مستعدة لبناء أي عنصر او كائن جديد, فهي دائبة الحركة والانتقال, من كائن لآخر، او من مكان لآخر.
ان احد أهم الأدلة على إيمان صدر الدين أمين بوحدة كائنات اللوحة هو تعطل اشتغال فعالية الشفرات الجينية لكل كائن بشكل يخرق مواصفات النوع, ويؤدي إلى امتزاج المواصفات الخليقية للكائنات, فكثيرا ما تتعدد أطراف احد ذوات الأربعة, ولعدد غير محدد, في كل مرة, حتى يقترب أحيانا من أشكال الديدان ونحوها, فلا وجود لمواصفات موروثة ثابتة, تحفظ لكل نوع خليقي مواصفاته الجينية وتميزه المحفوظ, وبذلك يبرهن أمين على انه قد خطى خطواته: الأولى والاهم, نحو تحقيق وحدة العالم الحيواني, وصولا إلى تحقيق نزوع الكائنات للعودة إلى أزلها, أي تحللها إلى كائنات مجهرية, من ذوات الخلية الواحدة, خلية محاطة بغشاء يحفظ أجزاءها من التبدد, وصولا إلى الخلية ( الحيوا - نباتية ), ان كانت تصح مثل هذه التسمية في علم الأحياء.
يحقق الرسام صدر الدين أمين شكلا آخر من أشكال الوحدة على سطح لوحته, بتأكيد ذوبان الحدود الفاصلة بين التشخيص والتجريد, حيث لا يمكن في كل مرة وبثقة, تبين طبيعة العديد من أشكاله, هل هي كائنات مجهرية تمظهرت بمظهر تجريدي, أم ان ما نشاهده نمطا تجريديا تلبس, عبر عملية تشاكل صوري, شكلا ما, شكلا كان قد علق بذاكرته من أشكال الكائنات المجهرية, فيكون ذلك واحدا من أهم أسباب افتراض وجود الوحدة الخلائقية في تجربة هذا الرسام.
نتلمس في تجربة صدر الدين, نمطا آخر مهما من التوحد,ذوبانا للحدود بين الهندسي والطبيعي، فقد يتحول قرص الشمس بيسر من دائرة هندسية تامة الاستدارة, إلى كائن أميبي, تخرج أطرافه خارج الشكل الذي كان دائريا فصار شكلا طبيعيا غير تام الاستدارة.
ربما نتخيل صدر الدين او يتخيل نفسه في مختبر بيولوجي يقوم بتجارب جينية تمازج بين جينات كائنات مختلفة، فكانت إحدى نتائج تجاربه تلك كائنا (خرافيا) مركبا غريبا، رجلا برأس حيوان، ربما يشكل امتدادا للميناطورات والقنطورات التي كانت تظهر في فنون الرسم على مر العصور، انه كائن بشري مازال محتفظا بكل نوازعه الحيوانية الأصيلة التي يؤكد نمطا منها كل مرة يستبدل فيها رأسه: برأس كلب او ذئب او طائر او ثعلب او قط وحشي، او رأس كائن لا تبين ملامحه، كائن زئبقي متلون يمارس اغرب طقوس السحر والتحولات.
مثلما وصف والت وايتمان رجلا تملا لحيته الفراشات؛ فإننا نصف صدر الدين أمين بأنه "رسام تسكن لحيته العفاريت والكائنات المركبة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق