إعادة تأسيس الوضع التشكيلي
شارك ثلاثة عشر فنانا تشكيليا في المعرض الذي أقامته قاعة (مينا كاليري) للفنون التشكيلية في البصرة، لمناسبة مرور عام على إنشائها، وهم حسب تسلسل أسمائهم في مطوية المعرض: جاسم الفضل 1955، جبار عبد الرضا، حامد مهدي 1953، عبد العزيز احمد الدهر 1956، عبد الكريم الرمضان 1939، عبد الملك عاشور1949، عدنان عبد سلمان1955، عيسى عبد الله 1952، فاروق حسن 1939، قاسم محسن 1965، محمد راضي عبد الله1937، نوري ناصر1957، هاشم تايه 1948، وكلهم شاركوا بلوحات رسم ذات بنية تقليدية إلا قاسم محسن الذي شارك بلوحتين ريليف بارزة، وهاشم تايه وشارك بمجسمات نحتية مختلطة الاجناسية، ونوري ناصر الذي شارك بمنحوتات خشبية.
جاء في مطوية المعرض وبقلم الرسام عبد العزيز الدهر، المؤسس والمشرف على القاعة، "لا نستثني أحدا مطلقا، فهي مرفأ لكل من يحمل هوية الأصالة، والإبداع الحقيقي، والموهبة الصادقة"، ولا نعتقد انه يقصد بـ(الإبداع الحقيقي) شيئا آخر غير توفر قدر من اشتراطات الحداثة في الأعمال المعروضة، بينما كان دعم شركة دلتا للاتصالات نابعا، حسبما جاء في مطوية المعرض، من محاولة "ترسيخ تقليد جديد تلتزم به الشركات العاملة في القطاع الخاص، يتمثل بتقديمها أي شكل من أشكال الدعم للمشاريع الثقافية، والنشاطات الإبداعية التي من شانها تنمية الذوق العام، واغناء الوعي بما هو عميق من التجارب الإنسانية، وبإمكان تلكم الشركات أن تجد في فضاء الثقافة والإبداع مجالا للإشهار وللإعلان"، بينما كانت أهداف الفنانين المشاركين ليس إلا تقديم آخر ما لديهم من منجز تشكيلي، ولكنهم جميعا احتفظوا من اللوحة بتقليديتها من ناحية الشكل والمادة، فلم نجد أية خروقات في نسقية شكل اللوحة او مادتها، وانصب ثقل هؤلاء الفنانين على الشكل في محاولة تقديم منجز ينتمي إلى الفن الحديث بدرجة ما، إلا ما ندر.
قدم الفنانون المشاركون ما يعتبر اعادة للتواصل الذي انقطع بفعل ظروف البصرة ومنذ الثمانينات وحتى الوقت الحاضر حيث انحسر النشاط التشكيلي الحقيقي ؛ مما يجعل هذا المعرض حلقة تواصل مهمة ليس فقط للمشاركين فيه بل ولترميم الوضع التشكيلي في البصرة؛ فيحاول جبار عبد الرضا، هذا الرسام الذي جرفته الحياة بانشغالاتها، كما جرفت قبله حامد مهدي، يحاول استثمار طاقته الضخمة على التلوين من خلال إعمال غنية باللون سواء تلك التي أنجزها بالزيت او بالاكريليك او بالأحبار الملونة والمواد المختلفة، فقد استمر يؤثث مكان لوحته بإكسسوارات المكان المعيش، كراس وأرائك، وستائر ملونة بثراء وتقنية عالية، فجبار عبد الرضا، لا يتمكن من كبح جماح رغبته بالتلوين مهما كانت المادة التي يستخدمها ليطوعها لمقتضيات قدرته التقنية، وهو ما كان يفعله أيضا حامد مهدي، ذلك الرسام الأكاديمي الذي سرقته الحياة من الفن ولكنه عاد إليه برغبته الكامنة، فقد قدم أعمالا توزعت فيها الأشكال التعبيرية بلقطات مفتوحة تملا فيها المشخصات سطح اللوحة بتوليفات تبدو أسطورية في الوقت ذاته وان كانت تنتمي من ناحية الزمن إلى سنوات خلت.
يقسم قاسم محسن لوحته التي تقف موقفا فريدا من ناحية الاجناسية: بين الرسم والريليف النحتي، فهو يقسم اللوحة إلى أفاريز، كما كان العراقيون يقسمون جدارياتهم الناتئة، وكما قسم العراقيون إناء الوركاء ألنذري، يقسم قاسم محسن لوحته إلى إفريز علوي يضم كتابات من خط الثلث تعقبه أفاريز تضم مشاهد من النحت العراقي قديمه وحديثه، وزخارف، ورسوما طفولية من اسماك، وبقع ملونة، كل تلك العناصر تمت استعارتها من مصادر شتى لتشكل معا (لوحة) قاسم محسن الذي يبني لوحته من معمارين: أولهما غائر ناتئ ينتمي إلى النحت البارز (الريليف) وثانيهما طبقة خفيفة من اللون الذي يضعه فوقها دون أن تغير من وضوح أشكاله النحتية إلا قليلا؛ بينما كانت إعمال الرسام هاشم تايه تضع قدما في الحداثة من خلال اختلاط اجناسيتها وفق نماذجها الشائعة الآن في ما هو سائد من نتاجات فنية حداثية في الوقت الحاضر، فيتشكل عمله من مجسمات تنتمي إلى النحت، وتضم في ثناياها سطوحا ملونة تنتمي إلى فن الرسم، وبذلك تدخل إعمال هاشم تايه الحداثة من باب خلخلة الاجناسية، تلك الخلخلة التي جعلها هاشم تايه استراتيجه الحاضر في بناء تجربته بعد أن ودع النسق التقليدي للوحة في محاولة جادة من هذا الفنان لتأسيس تجربة ربما تصنف ضمن الفن الخام Brut Art او الفن المهمش Outsider Art، وهو ما سوف نتناوله في مقال لاحق عن هذا التشكيلي المثابر.
اقتصر عدنان عبد سلمان، هذا الأكاديمي التدريسي في جامعة البصرة، والرسام الأكاديمي المتفوق في تطويع اللون في رسمه الأكاديمي، فلم يمنعه استخدامه لونا أحاديا من تفجير قدرة ذلك اللون رغم قيود الأحادية، بينما ينهج عيسى عبد الله نهجا معاكسا حينما ينتقل من أحادية اللون التي كان يقطن فيها، فإذا هو الآن يحاول رسم لوحة، وان انطوت على أشكاله الأثيرة ذاتها، إلا أنها الآن تتلفع بدثارها اللوني الجديد الذي يحتاج إلى مزيد من التجارب ليتشكل منه أسلوب يطرح تجربة تعد صفحة أخرى من منجز عيسى عبد الله، هذا الرسام الذي انزوى سنوات طويلة في مشغله الصغير في إحدى زوايا سوق البصرة القديمة بين اصوات الباعة وعرباتهم، وبين جامع الكواز، حيث يحيط به نسغ الحياة في معاناتها اليومية، ونسغ التاريخ معا لتشكلا جناحي تجربته معا.
وكانت إعمال عبد العزيز احمد الدهر أكاديمية تناولت موضوعات الطبيعة الصامتة التي مازجتها ضربات زخرفيه في محاولة كسر حدة الأسلوب الأكاديمي لها.
وقدم الخطاط عبد الكريم الرمضان أعمالا توزعت فيها المساحات اللونية النقية مع إشارات لتفاريق حروف قليلة متواشجة مع توقيع الفنان الذي شكل طغراء من خط الإجازة على ما نعتقد.
جاءت إعمال عبد الملك عاشور، هذا الرسام الذي يذكرني دائما برفيق دربه هاشم حنون فانغمسا معا في فعالية كاليري مشترك ظهرت منه تجربتان، رحل هاشم حنون إلى عمان وظل فيها سنوات وما زال، وظل عبد الملك عاشور في ذات المشغل الصغير، فانغمس منذ سنوات في تجربة تجريدية باعتبارها قدرا يقيم عليها تجربته من حشد من الضربات اللونية التي ترتفع بمعراجية من الكتلة التي تحتل قعر اللوحة نحو أعالي السماء.
قدم جاسم الفضل، هذا الرسام الذي قضى ما فات من عمره الفني رساما أكاديميا، قدم أولى بوادر تحوله عن الرسم الأكاديمي شيئا فشيئا ربما نحو التجريد، من خلال تحوله الخجول نحو التعبيرية، هذه المرحلة التي شهدها الرسم العراقي في ثمانينات القرن الماضي باعتبارها نسقا مهيمنا فيه، بفعل ربما عوامل اجتماعية أهمها برأينا: ثقل وجسامة الحرب العراقية الإيرانية على الوضع الاجتماعي، وقد بشّر بعض النقاد في ذلك الوقت بهذا النمط من الفن؛ فقد صنف عادل كامل جماعة الأربعة على سبيل المثال، وهي جماعة ظهرت في ذلك الوقت، بأنهم يمثلون الاتجاه التعبيري العام في الرسم العراقي... فالتعبيرية، خلال الثمانينات، كانت نزعة أسلوبية عامة" (مجلة الطليعة الأدبية، بغداد، العدد 3-4، 1990، ص 11)، حينما شكل ما وصفه عادل كامل بـ(الاتجاه التعبيري العام) في ذلك الوقت، برأينا، ارتدادا على منجز الستينات الذي تجاوز الرسم التعبيري والوحشي لمرحلة الرواد، فكانت لوحات جاسم الفضل تذكرنا بتلك المرحلة التي كان فيها عاصم عبد الأمير، وهاشم حنون، وخالد رحيم وهل، وآخرون يرسمون بهذه الطريقة، فنا تعبيريا حاول جاسم الفضل أن يجعله في إعمال الان: قادرا على استيعاب الدفق العاطفي الذي يعتمل في داخله، ودافقا بالإحساس اللوني، وبالحركة، مع لمسات من التجريد، واسلبة الأشكال.
تودع تجربة فاروق حسن على استحياء أشكاله السابقة، فهو يترك بعض تلك الأشكال وسط علامات التجريد التي يحاول الآن أن يلجه ربما بخوف لا يسمح بترسيخ مرحلة جديدة تجريدية لهذا الرسام الذي قدم لوحات ذات طابع (محلي) ثري بالألوان والمحليات معا.
يعود محمد راضي عبد الله إلى عرض موضوعاته الأثيرة القديمة حينما قدم أعمالا تصور شناشيل البصرة بمعالجات ذات طابع أسلوبي شخصي، وقدم نوري ناصر منحوتات خشبية لرؤوس كانت تتخذ انحناءات الشجر مما يجعلها تتشاكل صوريا مع تلك الانحناءات.
جاء في مطوية المعرض وبقلم الرسام عبد العزيز الدهر، المؤسس والمشرف على القاعة، "لا نستثني أحدا مطلقا، فهي مرفأ لكل من يحمل هوية الأصالة، والإبداع الحقيقي، والموهبة الصادقة"، ولا نعتقد انه يقصد بـ(الإبداع الحقيقي) شيئا آخر غير توفر قدر من اشتراطات الحداثة في الأعمال المعروضة، بينما كان دعم شركة دلتا للاتصالات نابعا، حسبما جاء في مطوية المعرض، من محاولة "ترسيخ تقليد جديد تلتزم به الشركات العاملة في القطاع الخاص، يتمثل بتقديمها أي شكل من أشكال الدعم للمشاريع الثقافية، والنشاطات الإبداعية التي من شانها تنمية الذوق العام، واغناء الوعي بما هو عميق من التجارب الإنسانية، وبإمكان تلكم الشركات أن تجد في فضاء الثقافة والإبداع مجالا للإشهار وللإعلان"، بينما كانت أهداف الفنانين المشاركين ليس إلا تقديم آخر ما لديهم من منجز تشكيلي، ولكنهم جميعا احتفظوا من اللوحة بتقليديتها من ناحية الشكل والمادة، فلم نجد أية خروقات في نسقية شكل اللوحة او مادتها، وانصب ثقل هؤلاء الفنانين على الشكل في محاولة تقديم منجز ينتمي إلى الفن الحديث بدرجة ما، إلا ما ندر.
قدم الفنانون المشاركون ما يعتبر اعادة للتواصل الذي انقطع بفعل ظروف البصرة ومنذ الثمانينات وحتى الوقت الحاضر حيث انحسر النشاط التشكيلي الحقيقي ؛ مما يجعل هذا المعرض حلقة تواصل مهمة ليس فقط للمشاركين فيه بل ولترميم الوضع التشكيلي في البصرة؛ فيحاول جبار عبد الرضا، هذا الرسام الذي جرفته الحياة بانشغالاتها، كما جرفت قبله حامد مهدي، يحاول استثمار طاقته الضخمة على التلوين من خلال إعمال غنية باللون سواء تلك التي أنجزها بالزيت او بالاكريليك او بالأحبار الملونة والمواد المختلفة، فقد استمر يؤثث مكان لوحته بإكسسوارات المكان المعيش، كراس وأرائك، وستائر ملونة بثراء وتقنية عالية، فجبار عبد الرضا، لا يتمكن من كبح جماح رغبته بالتلوين مهما كانت المادة التي يستخدمها ليطوعها لمقتضيات قدرته التقنية، وهو ما كان يفعله أيضا حامد مهدي، ذلك الرسام الأكاديمي الذي سرقته الحياة من الفن ولكنه عاد إليه برغبته الكامنة، فقد قدم أعمالا توزعت فيها الأشكال التعبيرية بلقطات مفتوحة تملا فيها المشخصات سطح اللوحة بتوليفات تبدو أسطورية في الوقت ذاته وان كانت تنتمي من ناحية الزمن إلى سنوات خلت.
يقسم قاسم محسن لوحته التي تقف موقفا فريدا من ناحية الاجناسية: بين الرسم والريليف النحتي، فهو يقسم اللوحة إلى أفاريز، كما كان العراقيون يقسمون جدارياتهم الناتئة، وكما قسم العراقيون إناء الوركاء ألنذري، يقسم قاسم محسن لوحته إلى إفريز علوي يضم كتابات من خط الثلث تعقبه أفاريز تضم مشاهد من النحت العراقي قديمه وحديثه، وزخارف، ورسوما طفولية من اسماك، وبقع ملونة، كل تلك العناصر تمت استعارتها من مصادر شتى لتشكل معا (لوحة) قاسم محسن الذي يبني لوحته من معمارين: أولهما غائر ناتئ ينتمي إلى النحت البارز (الريليف) وثانيهما طبقة خفيفة من اللون الذي يضعه فوقها دون أن تغير من وضوح أشكاله النحتية إلا قليلا؛ بينما كانت إعمال الرسام هاشم تايه تضع قدما في الحداثة من خلال اختلاط اجناسيتها وفق نماذجها الشائعة الآن في ما هو سائد من نتاجات فنية حداثية في الوقت الحاضر، فيتشكل عمله من مجسمات تنتمي إلى النحت، وتضم في ثناياها سطوحا ملونة تنتمي إلى فن الرسم، وبذلك تدخل إعمال هاشم تايه الحداثة من باب خلخلة الاجناسية، تلك الخلخلة التي جعلها هاشم تايه استراتيجه الحاضر في بناء تجربته بعد أن ودع النسق التقليدي للوحة في محاولة جادة من هذا الفنان لتأسيس تجربة ربما تصنف ضمن الفن الخام Brut Art او الفن المهمش Outsider Art، وهو ما سوف نتناوله في مقال لاحق عن هذا التشكيلي المثابر.
اقتصر عدنان عبد سلمان، هذا الأكاديمي التدريسي في جامعة البصرة، والرسام الأكاديمي المتفوق في تطويع اللون في رسمه الأكاديمي، فلم يمنعه استخدامه لونا أحاديا من تفجير قدرة ذلك اللون رغم قيود الأحادية، بينما ينهج عيسى عبد الله نهجا معاكسا حينما ينتقل من أحادية اللون التي كان يقطن فيها، فإذا هو الآن يحاول رسم لوحة، وان انطوت على أشكاله الأثيرة ذاتها، إلا أنها الآن تتلفع بدثارها اللوني الجديد الذي يحتاج إلى مزيد من التجارب ليتشكل منه أسلوب يطرح تجربة تعد صفحة أخرى من منجز عيسى عبد الله، هذا الرسام الذي انزوى سنوات طويلة في مشغله الصغير في إحدى زوايا سوق البصرة القديمة بين اصوات الباعة وعرباتهم، وبين جامع الكواز، حيث يحيط به نسغ الحياة في معاناتها اليومية، ونسغ التاريخ معا لتشكلا جناحي تجربته معا.
وكانت إعمال عبد العزيز احمد الدهر أكاديمية تناولت موضوعات الطبيعة الصامتة التي مازجتها ضربات زخرفيه في محاولة كسر حدة الأسلوب الأكاديمي لها.
وقدم الخطاط عبد الكريم الرمضان أعمالا توزعت فيها المساحات اللونية النقية مع إشارات لتفاريق حروف قليلة متواشجة مع توقيع الفنان الذي شكل طغراء من خط الإجازة على ما نعتقد.
جاءت إعمال عبد الملك عاشور، هذا الرسام الذي يذكرني دائما برفيق دربه هاشم حنون فانغمسا معا في فعالية كاليري مشترك ظهرت منه تجربتان، رحل هاشم حنون إلى عمان وظل فيها سنوات وما زال، وظل عبد الملك عاشور في ذات المشغل الصغير، فانغمس منذ سنوات في تجربة تجريدية باعتبارها قدرا يقيم عليها تجربته من حشد من الضربات اللونية التي ترتفع بمعراجية من الكتلة التي تحتل قعر اللوحة نحو أعالي السماء.
قدم جاسم الفضل، هذا الرسام الذي قضى ما فات من عمره الفني رساما أكاديميا، قدم أولى بوادر تحوله عن الرسم الأكاديمي شيئا فشيئا ربما نحو التجريد، من خلال تحوله الخجول نحو التعبيرية، هذه المرحلة التي شهدها الرسم العراقي في ثمانينات القرن الماضي باعتبارها نسقا مهيمنا فيه، بفعل ربما عوامل اجتماعية أهمها برأينا: ثقل وجسامة الحرب العراقية الإيرانية على الوضع الاجتماعي، وقد بشّر بعض النقاد في ذلك الوقت بهذا النمط من الفن؛ فقد صنف عادل كامل جماعة الأربعة على سبيل المثال، وهي جماعة ظهرت في ذلك الوقت، بأنهم يمثلون الاتجاه التعبيري العام في الرسم العراقي... فالتعبيرية، خلال الثمانينات، كانت نزعة أسلوبية عامة" (مجلة الطليعة الأدبية، بغداد، العدد 3-4، 1990، ص 11)، حينما شكل ما وصفه عادل كامل بـ(الاتجاه التعبيري العام) في ذلك الوقت، برأينا، ارتدادا على منجز الستينات الذي تجاوز الرسم التعبيري والوحشي لمرحلة الرواد، فكانت لوحات جاسم الفضل تذكرنا بتلك المرحلة التي كان فيها عاصم عبد الأمير، وهاشم حنون، وخالد رحيم وهل، وآخرون يرسمون بهذه الطريقة، فنا تعبيريا حاول جاسم الفضل أن يجعله في إعمال الان: قادرا على استيعاب الدفق العاطفي الذي يعتمل في داخله، ودافقا بالإحساس اللوني، وبالحركة، مع لمسات من التجريد، واسلبة الأشكال.
تودع تجربة فاروق حسن على استحياء أشكاله السابقة، فهو يترك بعض تلك الأشكال وسط علامات التجريد التي يحاول الآن أن يلجه ربما بخوف لا يسمح بترسيخ مرحلة جديدة تجريدية لهذا الرسام الذي قدم لوحات ذات طابع (محلي) ثري بالألوان والمحليات معا.
يعود محمد راضي عبد الله إلى عرض موضوعاته الأثيرة القديمة حينما قدم أعمالا تصور شناشيل البصرة بمعالجات ذات طابع أسلوبي شخصي، وقدم نوري ناصر منحوتات خشبية لرؤوس كانت تتخذ انحناءات الشجر مما يجعلها تتشاكل صوريا مع تلك الانحناءات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق