الخزاف حازم الزعبي
البساطة الاولية ..
والصعوبة التجريدية
"العمل الفني حوار
بين المبدع وأداة التعبير الخاصة به" (جاكوب كورغ)
خالد خضير الصالحي
يحاول الخزاف الأردني حازم الزعبي أن
يجسد , في قطعه الفخارية , أهم الصفات الجوهرية لفن الفخار , تلك الصفات التي
وضعها الناقد البريطاني ( هربرت ريد ) في طرفين قد يكونان متقابلين , أن لم يكونا
متناقضين هما : ( البساطة الأولية ) و ( الصعوبة التجريدية ) , حينما يقول : ((
الخزف ابسط الفنون جميعاً بسبب كونه أكثرها أولية , كما كان اشدها صعوبة كونه اكثر
تجريداً )) (1) , فأعمال حازم الزعبي ترتكز في قوتها التعبيرية على
الطاقة التعبيرية للمادة ذاتها باعتبارها المهيمنة الأعظم , حيث تكمن طاقة العمل
الفني التعبيرية في شيئية الطين , وفي قدرته الكامنة على التعبير , وهي قدرة خالصة
ومتحررة من كل رغبة في تقليد مشخصات الواقع , فمع أن الفخار فن تجسيمي , فهو من
وجهة نظر ( هربرت ريد ) , يكون بأكثر معاني التجسيم تجريدية , فمن خلال المعالجة
التقنية لمادة الطين بالنار والاكاسيد والألوان والتزجيج , تنبعث الطاقة التعبيرية
كناتج أصيل لتفاعلات تلك العناصر وبذلك يكون الفخار شأنه شأن (( كل صيغ المعرفة
والتعبير , تحتوي على طاقات خلاقة كبيرة لا مناص لها من أن تتدخل في تركيب المادة
التي تعالجها )) (2) , وحيث يتم إنتاج ما يسميه جاكوب كورغ ( العالم
التصويري ) طبقاً لمبدأ مستقل ليس هو الا متيريالية المادة ( شيئيتها ) .
شيد
حازم الزعبي منجزه من أنماط ( متباينة ) من الخزفيات هي : الجداريات والأدوات
الاستعمالية و المنحوتات المفخورة , ولكل منها سمات تتفرد بها عن الأنماط الأخرى
من خلال اقتراب القطعة الفخارية من إحدى الثنائيتين اللتين تقفان متعارضتين
يتجاذبان السمة التعبيرية وهما : الجاذب البصري والجاذب النفعي , و أولهما يقع في
المنطقة الجمالية الشعرية , بينما يقع الثاني في المنطقة الاستعمالية والنثرية و
أحيانا الإيديولوجية .
منحوتات
الطين المفخور
أنجز حازم الزعبي عدداً من المنحوتات
الطينية المفخورة , وهي منحوتات تعبيرية قد لا تنتمي سوى إلى آليات فن الفخار ,
فهي تنتمي إلى فن النحت المعرض للنار بعد إنجازه , فهي ليست الا منحوتات طينية
مفخورة تتصف بهيمنة المشخص (الشكل الإنساني) عليها , أنها شخوص يشخصون بقاماتهم
فارعة رغم الألم وآثار المآسي البادية عليهم من شقوق , و رضوض , وكدمات , و أسلبة
وتحوير في الشكل الطبيعي للبشر , وبذلك يكون هذا النمط اكثر أعمال الزعبي التي
يوظف فيها البصري لخدمة ( النثري ) , فلا تعود تنتمي إلى فن الفخار سوى بمادتها (
الطين ) , وهذه المادة ليست قاصرة على فن الخزف , سوى بآلية إنتاجها باستخدام
الفرن الحراري .
قطع استعمالية
الجداريات الخزفية
أنجز حازم الزعبي أعدادا وفيرة من
الجداريات الخزفية وهي خزفيات تشكل قطيعة مع تاريخ فن الخزف , وتشكل توجهاً مضافاً
لجهود عدد من أهم الخزافين العرب كـ ( سعد
شاكر ) و ( طارق إبراهيم ) وغيرهما في
التخلص من طغيان (النوع) وقواه المسيطرة , تلك القوى المعيقة التي تمنع المنجز من
ان يشكل قطيعة مضافة لكتابة تاريخ النوع من خلال الصدام الخلاق الناشئ بين توجه
المبدع وقانون النسق مما يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق ( لهجته الفردية IDIOLECT ) ضمن النسق وهو ما نجح به أولئك الخزافون الكبار ومنهم ( حازم الزغبي ) .
بيليوغرافيا :
1. 1957 ولد في اربد
- 1982 تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة
في بغداد
- 1993 راس جمعية التشكيليين الأردنيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق