الاثنين، 17 فبراير 2020



الخزاف حازم الزعبي





        البساطة الاولية .. 
                  والصعوبة التجريدية

"العمل الفني حوار بين المبدع وأداة التعبير الخاصة به" (جاكوب كورغ)




خالد خضير الصالحي

 يحاول الخزاف الأردني حازم الزعبي أن يجسد , في قطعه الفخارية , أهم الصفات الجوهرية لفن الفخار , تلك الصفات التي وضعها الناقد البريطاني ( هربرت ريد ) في طرفين قد يكونان متقابلين , أن لم يكونا متناقضين هما : ( البساطة الأولية ) و ( الصعوبة التجريدية ) , حينما يقول : (( الخزف ابسط الفنون جميعاً بسبب كونه أكثرها أولية , كما كان اشدها صعوبة كونه اكثر تجريداً )) (1) , فأعمال حازم الزعبي ترتكز في قوتها التعبيرية على الطاقة التعبيرية للمادة ذاتها باعتبارها المهيمنة الأعظم , حيث تكمن طاقة العمل الفني التعبيرية في شيئية الطين , وفي قدرته الكامنة على التعبير , وهي قدرة خالصة ومتحررة من كل رغبة في تقليد مشخصات الواقع , فمع أن الفخار فن تجسيمي , فهو من وجهة نظر ( هربرت ريد ) , يكون بأكثر معاني التجسيم تجريدية , فمن خلال المعالجة التقنية لمادة الطين بالنار والاكاسيد والألوان والتزجيج , تنبعث الطاقة التعبيرية كناتج أصيل لتفاعلات تلك العناصر وبذلك يكون الفخار شأنه شأن (( كل صيغ المعرفة والتعبير , تحتوي على طاقات خلاقة كبيرة لا مناص لها من أن تتدخل في تركيب المادة التي تعالجها )) (2) , وحيث يتم إنتاج ما يسميه جاكوب كورغ ( العالم التصويري ) طبقاً لمبدأ مستقل ليس هو الا متيريالية المادة ( شيئيتها ) .
  شيد حازم الزعبي منجزه من أنماط ( متباينة ) من الخزفيات هي : الجداريات والأدوات الاستعمالية و المنحوتات المفخورة , ولكل منها سمات تتفرد بها عن الأنماط الأخرى من خلال اقتراب القطعة الفخارية من إحدى الثنائيتين اللتين تقفان متعارضتين يتجاذبان السمة التعبيرية وهما : الجاذب البصري والجاذب النفعي , و أولهما يقع في المنطقة الجمالية الشعرية , بينما يقع الثاني في المنطقة الاستعمالية والنثرية و أحيانا الإيديولوجية .

 

 





   منحوتات الطين المفخور


             أنجز حازم الزعبي عدداً من المنحوتات الطينية المفخورة , وهي منحوتات تعبيرية قد لا تنتمي سوى إلى آليات فن الفخار , فهي تنتمي إلى فن النحت المعرض للنار بعد إنجازه , فهي ليست الا منحوتات طينية مفخورة تتصف بهيمنة المشخص (الشكل الإنساني) عليها , أنها شخوص يشخصون بقاماتهم فارعة رغم الألم وآثار المآسي البادية عليهم من شقوق , و رضوض , وكدمات , و أسلبة وتحوير في الشكل الطبيعي للبشر , وبذلك يكون هذا النمط اكثر أعمال الزعبي التي يوظف فيها البصري لخدمة ( النثري ) , فلا تعود تنتمي إلى فن الفخار سوى بمادتها ( الطين ) , وهذه المادة ليست قاصرة على فن الخزف , سوى بآلية إنتاجها باستخدام الفرن الحراري .








قطع استعمالية

 يحاول حازم الزعبي جهده تعطيل نفعية الخزفيات التي تبدو مهيأة لمختلف الاستخدامات النفعية واقصارها على أن تكون عملاً فنياً مهيئاً للعرض فقط , أي تكريس فعاليتها البصرية من خلال تكريس التقنية العالية في الأشكال والمعالجات المتيريالية ( تشيؤ المادة ) .

 


الجداريات الخزفية


 أنجز حازم الزعبي أعدادا وفيرة من الجداريات الخزفية وهي خزفيات تشكل قطيعة مع تاريخ فن الخزف , وتشكل توجهاً مضافاً لجهود عدد من أهم الخزافين العرب  كـ ( سعد شاكر ) و ( طارق إبراهيم )  وغيرهما في التخلص من طغيان (النوع) وقواه المسيطرة , تلك القوى المعيقة التي تمنع المنجز من ان يشكل قطيعة مضافة لكتابة تاريخ النوع من خلال الصدام الخلاق الناشئ بين توجه المبدع وقانون النسق مما يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق ( لهجته الفردية IDIOLECT    ) ضمن النسق وهو ما نجح به أولئك  الخزافون الكبار ومنهم ( حازم الزغبي ) .   

بيليوغرافيا :
  1. 1957 ولد في اربد
  1. 1982 تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد
  2. 1993 راس جمعية التشكيليين الأردنيين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق