خالد خضير الصالحي
العـــــراق – البصـرةKhkhiraq@gmail.com
1
تفتقر الكثير من الكتابات التي تندرج عندنا تحت مسمى النقد التشكيلي لفن الرسم إلى ما يؤكد مسمى النقد فيها، والأمر الأهم المفتقد برأينا هو المقاربة الأمثل التي يتم بها تلقّي فن الرسم، وهي المقاربة الشيئية او الملمسية او المادية، وان ابرز من نبه إلى هذه المقاربة، في الكتابات العربية على حد معرفتنا، الناقد التشكيلي العراقي الراحل شاكر حسن آل سعيد، ورغم ذلك فلا يمكن إنكار ان مقاربات التلقي لفن التصوير بمختلف أنماطه، تتفرع إلى نمطين رئيسيين هما: مقاربة تعنى بالموضوع المنجز، وتلك مقاربة تسود حينما تتراجع شيئية العمل الفني إلى مرتبة ثانوية من الفاعلية، وهو ما يحدث في تناول فن الفوتوغراف أكثر من اللوحة المرسومة حيث تتراجع شيئية الصورة الفوتوغرافية إلى مستويات متدنية مقارنة بمادية اللوحة الفنية التي تهيمن على بنية اللوحة وبالتالي مقاربات تناولها، وهي مقاربة ملمسية تعنى بالمادة وتقنيتها فقد "ذكر مؤرخ الفن اليوس ريغل ان احد أنواع الإجراءات الفنية الذي يتوافق مع نوع بعينه من أساليب المشاهدة ينبني على تفحص الأشياء وإمعان النظر في خطوطها الخارجية، وهذا المسار يطلق عليه ريغل البَصَري، أما النوع الآخر للرؤية الذي يركز على الأسطح ويشدد على قيمة الجوانب الداخلية للموضوع، فيطلق عليه ريغل اللمسي او الإدراكي haptical ... ففي مستوى الخلق الفني، تنتج النظرة البصرية – في حال انتماء العين للرسام – الخطية والزاوية في حين تعنى الخلاقية اللمسية او الإدراكية بالأسطح. ووفقا لصيغة ريغل، يمكن تجميع مجمل الأشكال الفنية تحت عنوان الخطوط الخارجية و، او، اللون في المستوى والحجم. العين البصرية تعمل ببساطة على مسح سطح الأشياء أما اللمسية او الإدراكية فتسبر الأغوار لتجد متعتها في النسيج الداخلي، في المنظور اللمسي، تغدو الرؤية شكلا من أشكال اللمس" (الثقافة الأجنبية العدد 4 السنة التاسعة والعشرون 2008).
2
في تناولي لأشكال الرسام العراقي المقيم في بنسلفانيا صدر الدين أمين تقفز إلى ذهني المقاربة الموضوعية، وهي مقاربة تعنى بمقارنة بين الأشكال في الطبيعة، والأشكال في فن الرسم كذلك، فقد كان صدر الدين امين ينتقل بيسر بين (أحواض) الأشكال ليشكل لنا من هذه المصادر المتعددة أشكالا فوضوية في بنائها الداخلي (تقلق) المتلقي وتجعله يقف متسائلا عن فحوى هذه الأشكال (= الكائنات)، فكان ذلك الرسام يعيد إلى ذهني دائما العودة إلى ما طرحه عالم الرياضيات (رينيه توم) في سعيه لشرح نظريته في (الكارثة الطوبولوجية)، يقول (رينيه توم) "بوسعنا ان نميز صنفين كبيرين من قولبة الأشكال غير الثابتة، كل واحد منهما يقع في احد طرفي الموشور المستمر: الصنف الأول: أشكال لا شكل لها بسبب بنائها الداخلي المعقد جدا، فهي أشكال فوضوية ولا تخضع بيسر للتحليل، أما الصنف الثاني فهي تلك الأشكال التي تشتمل على عدد من الأشياء التي يمكن التعرف عليها غير ان تكوينها يبدو تناقضيا او غير اعتيادي، مثال على ذلك الكيميرا chimera ، وهي كائن أنثوي خرافي في الميثولوجيا اليونانية لها رأس أسد وجسم شاة وذنب حية وتقذف من فمها نارا، وغيرها من الكائنات الغريبة, والأشكال غير الثابتة التي تنتمي إلى النمط الثاني هذا، وهي الأشكال المتفرعة التي تقع نقطتها التجسيدية على العتبة بين حوضين او أكثر من الجاذبية، وان ظهورها يتذبذب دائما بين الجاذبين المجاورين، وتأثير ذلك هو إقلاق المشاهد وإزعاجه، تلك التقنية التي يعرفها الرسامون السورياليون ويستغلونها" (ر. روجرز، الشعر والرسم، دار المأمون للترجمة والنشر، بغداد، 1990، ص134).
3
روى الرسام ضياء العزاوي في ملف أصدرته عن النحات والرسام الراحل إسماعيل فتاح الترك إحدى المجلات العربية، بان الرسام الراحل كاظم حيدر علق على المعرض الشهير الذي أقامه إسماعيل فتاح الترك عام 1965، بعد عودة الترك من الدراسة في روما، بأنه، أي كاظم حيدر، لو حبس في غرفة لليلة واحدة لأنجز معرضين مثل معرض الترك، ولم يوافق ضياء العزاوي وقتها على ما قاله كاظم حيدر واعْتبَرَ ذلك انتقاصا من قدرة الترك، إلا أنني، في موضوع نشرته عن الراحل الترك، نظرت إلى الموضوع من زاوية واتجاه آخر، ووجدت ان كاظم حيدر كان (محقا)، كما وجدت ذلك لم يخلّ بمكانة الترك ورفعة إبداعه، وان جوهر القضية لا يتعلق بموقف او رأي لكاظم حيدر بمكانة الترك، بل بمفهوم وفلسفة كاظم حيدر والترك بفن الرسم والمقاربة التي ينظر كل منهما عبرها إلى فن الرسم، وبذلك يختلفان جذريا في أسلوبهما المتناقض في بناء اللوحة، فلم تكن اللوحة عند كاظم حيدر بناءً شكليا فقط، بل ومخططا فكريا تهيمن فيه (الدلالة) وعلى وجه التحديد (التعبير عن الروح المحلية) الذي كان من الصعب على التشكيليين القفز فوقه في ظل هيمنة النقد الذي يروج لهذا الاتجاه وهيمنته على الكتابة في هذا الحقل وعلى المنجز التشكيلي العراقي برمته، وتشهد بذلك أعماله في معرض ملحمة الشهيد الذي أسميته مرة: "(آنسات أفنيون) الرسم العراقي"، باعتباره (العمل) الذي احدث اكبر تحول في الرسم العراقي الحديث، حينما افتتح (معرض الشهيد) عصر الستينيات بعد ان ختم نصب الحرية لجواد سليم، عصر الرسم العراقي الخمسيني، او شكل النهاية المنطقية لذلك العصر، فانتقل، في هذا المعرض، مركز الثقل إلى (السطح التصويري) باعتباره "أهم مستوى من مستويات الوجود الفني"، وحيث صارت الأولويات تنطلق من، وتعود إلى "إعادة تجريب إنتاج المرئي بصور مختلفة... والاهتمام بالمادة التي يٌنفّذ بها العمل بعفوية وتلقائية وجرأة" فكان الوعي الرؤيوي للستينيين هو (الوعي المتجاوز) ذلك الوعي الذي يحاول البدء من جديد في كل مرة من خلال وعي عال بمعالجة المادة باعتبارها " رؤية بحد ذاتها ".
لقد كانت نظرة كاظم حيدر للوحة، باعتبارها بناء فكريا يستغرق وقتا طويلا للانتهاء منها، وهي نظرة تنتمي إلى كلاسيكيات فن الرسم رغم أشكاله الحداثية، وتنتمي إلى (حكائيات) روبنز وانجيلو ودافنشي، وكل اللوحات (القصصية) التي كانت تستلهم القصص المقدس، بينما تنتمي رسوم الترك إلى فهم مختلف تماما، فمثلما لم تولد لوحات فرنسيس بيكون وجاكسن بوللوك "من ساعات طويلة من التفكير في موضوع، ولا رسمت من نقاش، بل كانت تنمو من تلقاء نفسها، من صنيع من الرسم، او ربما من انفعالات العقل اللاواعي" كما قالت لليان فريدكود، فان الترك كان يعتبر اللوحة تجربة متيريالية (شيئية)، او مناسبة لاختبار المادة، ولم تكن لوحاته، لفرط إخلاصها لشيئيتها، بحاجة إلى عنوانات مثلا، فكانت عنواناتها لا تعدو ان تكون إشارات لتمييزها عن بعضها كعنوانات جاكسون بوللوك للوحاته حينما كان لا يكلف نفسه مشقة تلفيق عنوان مناسب لكل لوحة فيكتفي بترقيمها، وهو فهم دشن عصرا جديدا في الرسم العراقي هو جيل الستينات، وبذلك فقد شكّل الترك وعدد من مجايليه: ضياء العزاوي، ورافع الناصري، وصالح الجميعي، ومحمد مهر الدين، وعلي طالب، والــ(ـخمـسـ)(ـسـتـ)ــيني شاكر حسن آل سعيد، شكّلوا الوجه الآخر من العملة التي شكل فيها كاظم حيدر وجواد سليم وجهها الأول، وبذلك لم يكن كاظم حيدر وإسماعيل فتاح الترك إلا وجهين لعملة واحدة هي المخاض الستيني الذي انقض على قداسة الأشكال الخمسينية فيه كاظم حيدر بينما أسس الترك و(مجموعته) الطليعية (الرؤيا الجديدة والمجددين) فهما جديدا للوحة باعتبارها مغامرة متيريالية، او واقعة شيئية، لذلك كان الترك، مثله في ذلك مثل فرانسيس بيكون الذي لا يستغرق كثيرا في التفكير بموضوع اللوحة، فيكفيه ان يغمس فرشاته باللون، ويضعها على سطح اللوحة ليظهر وجه الشاخص الذي كان يظهر ويعاود الظهور في كل مرة بمظهر وقناع جديد.
1
تفتقر الكثير من الكتابات التي تندرج عندنا تحت مسمى النقد التشكيلي لفن الرسم إلى ما يؤكد مسمى النقد فيها، والأمر الأهم المفتقد برأينا هو المقاربة الأمثل التي يتم بها تلقّي فن الرسم، وهي المقاربة الشيئية او الملمسية او المادية، وان ابرز من نبه إلى هذه المقاربة، في الكتابات العربية على حد معرفتنا، الناقد التشكيلي العراقي الراحل شاكر حسن آل سعيد، ورغم ذلك فلا يمكن إنكار ان مقاربات التلقي لفن التصوير بمختلف أنماطه، تتفرع إلى نمطين رئيسيين هما: مقاربة تعنى بالموضوع المنجز، وتلك مقاربة تسود حينما تتراجع شيئية العمل الفني إلى مرتبة ثانوية من الفاعلية، وهو ما يحدث في تناول فن الفوتوغراف أكثر من اللوحة المرسومة حيث تتراجع شيئية الصورة الفوتوغرافية إلى مستويات متدنية مقارنة بمادية اللوحة الفنية التي تهيمن على بنية اللوحة وبالتالي مقاربات تناولها، وهي مقاربة ملمسية تعنى بالمادة وتقنيتها فقد "ذكر مؤرخ الفن اليوس ريغل ان احد أنواع الإجراءات الفنية الذي يتوافق مع نوع بعينه من أساليب المشاهدة ينبني على تفحص الأشياء وإمعان النظر في خطوطها الخارجية، وهذا المسار يطلق عليه ريغل البَصَري، أما النوع الآخر للرؤية الذي يركز على الأسطح ويشدد على قيمة الجوانب الداخلية للموضوع، فيطلق عليه ريغل اللمسي او الإدراكي haptical ... ففي مستوى الخلق الفني، تنتج النظرة البصرية – في حال انتماء العين للرسام – الخطية والزاوية في حين تعنى الخلاقية اللمسية او الإدراكية بالأسطح. ووفقا لصيغة ريغل، يمكن تجميع مجمل الأشكال الفنية تحت عنوان الخطوط الخارجية و، او، اللون في المستوى والحجم. العين البصرية تعمل ببساطة على مسح سطح الأشياء أما اللمسية او الإدراكية فتسبر الأغوار لتجد متعتها في النسيج الداخلي، في المنظور اللمسي، تغدو الرؤية شكلا من أشكال اللمس" (الثقافة الأجنبية العدد 4 السنة التاسعة والعشرون 2008).
2
في تناولي لأشكال الرسام العراقي المقيم في بنسلفانيا صدر الدين أمين تقفز إلى ذهني المقاربة الموضوعية، وهي مقاربة تعنى بمقارنة بين الأشكال في الطبيعة، والأشكال في فن الرسم كذلك، فقد كان صدر الدين امين ينتقل بيسر بين (أحواض) الأشكال ليشكل لنا من هذه المصادر المتعددة أشكالا فوضوية في بنائها الداخلي (تقلق) المتلقي وتجعله يقف متسائلا عن فحوى هذه الأشكال (= الكائنات)، فكان ذلك الرسام يعيد إلى ذهني دائما العودة إلى ما طرحه عالم الرياضيات (رينيه توم) في سعيه لشرح نظريته في (الكارثة الطوبولوجية)، يقول (رينيه توم) "بوسعنا ان نميز صنفين كبيرين من قولبة الأشكال غير الثابتة، كل واحد منهما يقع في احد طرفي الموشور المستمر: الصنف الأول: أشكال لا شكل لها بسبب بنائها الداخلي المعقد جدا، فهي أشكال فوضوية ولا تخضع بيسر للتحليل، أما الصنف الثاني فهي تلك الأشكال التي تشتمل على عدد من الأشياء التي يمكن التعرف عليها غير ان تكوينها يبدو تناقضيا او غير اعتيادي، مثال على ذلك الكيميرا chimera ، وهي كائن أنثوي خرافي في الميثولوجيا اليونانية لها رأس أسد وجسم شاة وذنب حية وتقذف من فمها نارا، وغيرها من الكائنات الغريبة, والأشكال غير الثابتة التي تنتمي إلى النمط الثاني هذا، وهي الأشكال المتفرعة التي تقع نقطتها التجسيدية على العتبة بين حوضين او أكثر من الجاذبية، وان ظهورها يتذبذب دائما بين الجاذبين المجاورين، وتأثير ذلك هو إقلاق المشاهد وإزعاجه، تلك التقنية التي يعرفها الرسامون السورياليون ويستغلونها" (ر. روجرز، الشعر والرسم، دار المأمون للترجمة والنشر، بغداد، 1990، ص134).
3
روى الرسام ضياء العزاوي في ملف أصدرته عن النحات والرسام الراحل إسماعيل فتاح الترك إحدى المجلات العربية، بان الرسام الراحل كاظم حيدر علق على المعرض الشهير الذي أقامه إسماعيل فتاح الترك عام 1965، بعد عودة الترك من الدراسة في روما، بأنه، أي كاظم حيدر، لو حبس في غرفة لليلة واحدة لأنجز معرضين مثل معرض الترك، ولم يوافق ضياء العزاوي وقتها على ما قاله كاظم حيدر واعْتبَرَ ذلك انتقاصا من قدرة الترك، إلا أنني، في موضوع نشرته عن الراحل الترك، نظرت إلى الموضوع من زاوية واتجاه آخر، ووجدت ان كاظم حيدر كان (محقا)، كما وجدت ذلك لم يخلّ بمكانة الترك ورفعة إبداعه، وان جوهر القضية لا يتعلق بموقف او رأي لكاظم حيدر بمكانة الترك، بل بمفهوم وفلسفة كاظم حيدر والترك بفن الرسم والمقاربة التي ينظر كل منهما عبرها إلى فن الرسم، وبذلك يختلفان جذريا في أسلوبهما المتناقض في بناء اللوحة، فلم تكن اللوحة عند كاظم حيدر بناءً شكليا فقط، بل ومخططا فكريا تهيمن فيه (الدلالة) وعلى وجه التحديد (التعبير عن الروح المحلية) الذي كان من الصعب على التشكيليين القفز فوقه في ظل هيمنة النقد الذي يروج لهذا الاتجاه وهيمنته على الكتابة في هذا الحقل وعلى المنجز التشكيلي العراقي برمته، وتشهد بذلك أعماله في معرض ملحمة الشهيد الذي أسميته مرة: "(آنسات أفنيون) الرسم العراقي"، باعتباره (العمل) الذي احدث اكبر تحول في الرسم العراقي الحديث، حينما افتتح (معرض الشهيد) عصر الستينيات بعد ان ختم نصب الحرية لجواد سليم، عصر الرسم العراقي الخمسيني، او شكل النهاية المنطقية لذلك العصر، فانتقل، في هذا المعرض، مركز الثقل إلى (السطح التصويري) باعتباره "أهم مستوى من مستويات الوجود الفني"، وحيث صارت الأولويات تنطلق من، وتعود إلى "إعادة تجريب إنتاج المرئي بصور مختلفة... والاهتمام بالمادة التي يٌنفّذ بها العمل بعفوية وتلقائية وجرأة" فكان الوعي الرؤيوي للستينيين هو (الوعي المتجاوز) ذلك الوعي الذي يحاول البدء من جديد في كل مرة من خلال وعي عال بمعالجة المادة باعتبارها " رؤية بحد ذاتها ".
لقد كانت نظرة كاظم حيدر للوحة، باعتبارها بناء فكريا يستغرق وقتا طويلا للانتهاء منها، وهي نظرة تنتمي إلى كلاسيكيات فن الرسم رغم أشكاله الحداثية، وتنتمي إلى (حكائيات) روبنز وانجيلو ودافنشي، وكل اللوحات (القصصية) التي كانت تستلهم القصص المقدس، بينما تنتمي رسوم الترك إلى فهم مختلف تماما، فمثلما لم تولد لوحات فرنسيس بيكون وجاكسن بوللوك "من ساعات طويلة من التفكير في موضوع، ولا رسمت من نقاش، بل كانت تنمو من تلقاء نفسها، من صنيع من الرسم، او ربما من انفعالات العقل اللاواعي" كما قالت لليان فريدكود، فان الترك كان يعتبر اللوحة تجربة متيريالية (شيئية)، او مناسبة لاختبار المادة، ولم تكن لوحاته، لفرط إخلاصها لشيئيتها، بحاجة إلى عنوانات مثلا، فكانت عنواناتها لا تعدو ان تكون إشارات لتمييزها عن بعضها كعنوانات جاكسون بوللوك للوحاته حينما كان لا يكلف نفسه مشقة تلفيق عنوان مناسب لكل لوحة فيكتفي بترقيمها، وهو فهم دشن عصرا جديدا في الرسم العراقي هو جيل الستينات، وبذلك فقد شكّل الترك وعدد من مجايليه: ضياء العزاوي، ورافع الناصري، وصالح الجميعي، ومحمد مهر الدين، وعلي طالب، والــ(ـخمـسـ)(ـسـتـ)ــيني شاكر حسن آل سعيد، شكّلوا الوجه الآخر من العملة التي شكل فيها كاظم حيدر وجواد سليم وجهها الأول، وبذلك لم يكن كاظم حيدر وإسماعيل فتاح الترك إلا وجهين لعملة واحدة هي المخاض الستيني الذي انقض على قداسة الأشكال الخمسينية فيه كاظم حيدر بينما أسس الترك و(مجموعته) الطليعية (الرؤيا الجديدة والمجددين) فهما جديدا للوحة باعتبارها مغامرة متيريالية، او واقعة شيئية، لذلك كان الترك، مثله في ذلك مثل فرانسيس بيكون الذي لا يستغرق كثيرا في التفكير بموضوع اللوحة، فيكفيه ان يغمس فرشاته باللون، ويضعها على سطح اللوحة ليظهر وجه الشاخص الذي كان يظهر ويعاود الظهور في كل مرة بمظهر وقناع جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق